في حب شاعر

هنا، حيث الحياة تشبه حياة تحت الماء

بقارورة أوكسيجين واحدة،

حيث الحضور ليس سوى

انعكاس الغياب

في مرآة امرأة وحيدة،

هنا حيث الزمن يدور حول نفسه

ببطء شديد

فتنعدم الجاذبية وتسقط الأيام

في العدم،

دون أي أثر،

أنحني فوق الماء

حيث وجهك يبتسم لي

وأمد يدي اليك.

أوفيليا تصرخ من الأعماق

تحذرني من خطر الوقوع

في الحب،

ولكنني، كفراشة مسحورة،

أمضي الى وهجك

كقدر محتوم.

بت أخيرا وحيدة معك

وحيدة في حياة أمضيها وأنت في الوقت عينه

الغائب والحاضر الأكبر،

فأي منطق للأشياء

وعلى أي جهة من قلبي أنام

وقد بات كل ما فيه موجع؟

الحب… الحياة حبا…الموت حبا…

أي حياة اخترت لنفسي؟

وأي قدر اختارني؟

قد كنت امرأة ناقصة واكتملت بك

حتى عرفت أعمق أنواع الوحدة؛

أن نسكن حبا واحدا

وجسدين

يمضيان في حياتين منفصلتين.

هنا، الحياة ترداد رتيب لكلمة واحدة،

ترداد كلحن حزين لشوبان،

كنور يتكسر فيفضح

ما خفي من ألوانه…

كلمة واحدة

لطفل اكتشف للتو القدرة على الكلام،

عنيدة، كجرح لا يلتئم

مخيفة كندم رهيب

أو ثقيلة كأمنية أخيرة،

كلمة واحدة أكررها حتى الموت

بنشوة ألم صوفي

فتتجذر أعمق بي وتكتسب في كل مرة

بعداً آخراً

وأبقى عاجزة عن فهم كنهها.

هنا الآن، بعد عمر مضى ما بيننا،

سكننا صمت أقرب الينا…

أصدق الكلام ما عاد يقال بكلمات.

أنظر اليك

تحتشد الدموع

جفوني سد هش

وحده كبريائي يطرق رأسه بخجل

وحده قلبي يطلق عنان الجنون.

أجلس على حافة وحدتي

أرشق ماء غيابك

حجراً بعد حجر

ووجهك لا ينفك يسبح على ظهره

ويضحك.

أتمسك بالحب

كجذور شجرة يبست

ومازالت أصابعها مكوّرة حول التراب.

كظالم قبيل إعدامه

يمرّر يده بحنان

فوق عنق الحبل.

بأي خطيئة نُرجم يا قلبي

حين نخسر في الحب؟

سأقسم أن أمضي ما تبقى من العمر

أتبنى الأشياء المنسية

تلك التي ما عاد يرغب بها أحد

والتي تشبهني

أنا الكائن الغريب

الذي أتى الى هذا الكوكب

عن طريق الخطأ.

الا أن عائلتي تلك الكبيرة لا تخفف من يتمي منك.

وحدتي، شوق صامت اليك

وغضبي مطر يحرك قليلا قشرة الأرض

قبيل أن يغرق فيها،

هكذا، لا انفك أعود اليك

أو ألف غيابك حول جسدي العاري

لأنك أمنيتي الوحيدة 

وأمضي أرقاً آخر

أدني فيه أذني كل هنيهة

فوق فم الحب النائم

لأتأكد أنه ما يزال على قيد الأمل.

كل هذه العتمة تحت جلدي

حتى توارت روحي الى مكان قصي مني

وما عدت أعرفها…

كل هذه العتمة

واسمك وحده

ما زال كفجر

يعري روحي.

وحيدة دوني،

وحيدة،

بك،

ما زادني الهجر سوى حباً

نسيت كل شيء

وضعتُ،

وحده وجهك بوصلتي.

رميت عني كل ما كنته

هوجاء، رعناء متمردة.

ألقيت بجسدي التعب

فوق أربعين شوكة في الخاصرة.

فردت جناحي روحي الممزقين وقلت:

“هذه ناي للريح”

وحده قلبي ظل يركل بقدميه أغلال القدر.

أقلعت عن كل ما في الحياة

ولكنني لم أستطع أن أنزع عني

رائحة غامضة لامرأة

انبثقت من أصابعك

ولعنة أشعارك

فيقتفي أثري، أينما حاولت الهرب،

حبك القاتل المحيي

الذي صار مع السنين

صديقي الوحيد.

May 2018

عابرات في صمت عابر

Miss Butterfly by Shadi Ghadirian

تقترب الخطى الثقيلة
أشعر بها كما الطير يستشعر العاصفة،
السِراب في دمي تحاول الفرار
و الأبواب موصدة.
 اعرف هذا الظلام
حيث جسدي فراشة مطعونة
لتزين جدار النفاق.
أغمض عيني
أتظاهر بالنوم كأن وجهي
ما زال وجهي.
ابسط هزال سلطتي على أشياء صغيرة،
كأن أحرك يدي،
أشدها الى صدري
كمن يحاول ان يوقف نزيف جرح قاتل.
لي وحدتي.
لي هذا المكان القصي الذي لا يصله احد.
لي ان اهبه لمن أشاء.
ان اقف كتمثال عارية حتى من روحي
و من اسمي.
مكشوفة كالشمس
انتظر ان تنام الأرض
كي أذرف سرا حزني.
هذه يدي… هذا عنقي… هذا شعري
أطلِقوا الوحوش
اعتِقوا الظلام من سطوة الفجر
جراحي ما تزال تغوي الأوتاد
هبني يا وجعي جرأة الصراخ
عما قريب يُجرّ جسدي الى الوليمة…
في الظلام أجملهن موثوقة
قرباناً لإلهٍ ذكرٍ
علّه يشبع و ينام
مئة عام.
هنا يمامة مصلوبة فوق الزيتون
وعابرات في موكب السواد
…صامتات
هو الخوف 
على صغيرين
يجعل عالماً أنثوياً ينغلق على قمره
ليبكي. 
أسقط في جسدي
كمن يسقط في فخ
أو يُرمى في بئر. 
“خوذتي من غيم”
أقول لسنونوة خائفة، 
لكنها تمطر في رأسي
فتصرخ السنونوة: 
” إبكي
كي لا نغرق” 
عيني من زجاج
منذ لُعنتُ بهذا القناع
وأنا ممنوعة من البكاء
حتى ينام الجلاد. 
أذهب الى قلبي أقيم الصلاة
ثم أذهب الى الحقل 
أُخرج الحلازين من قواقعها
وأصنع لي قلادة
انتقاما لتشردي. 
 

ناديتك باسمك العتيق، فاسمعني

ناديتك باسمك العتيق. فاسمعني

أسرجت فرس الخوف

فخذني حافية الى سرير الهدنة

وجئني بطعنة هادئة.

أخاف على أحلامك من كوابيسي

فأسير هائمة في ملكوت الظلام

دماغي يسيل مطعونًا برائحتك التي اقتحمتني

والنمال تلتقطني وتسير خلفي

نمضي صامتين الى مأتمي.

أُقتاد الى أخدود الموت

في يدي سلاسل النشوة

وعنقي مكشوف على إغراء المقصلة.

سوف أدفن ناقصة منك

ذاك أكثر ما يؤلمنني في موتي

فادفنوا معي أشعاري

علّني هناك

حين أؤثث الظلام الأبدي بأحرف اسمك المبعثرة

أستدل الى صفوة الحب اخيراً

وأتعلم أن أحبك

دون أن أترك العنان بعد الآن 

لصهيل الخوف في قلبي. 

أخرج عارية تشتعل في جسدي حناجر قطعان ذئاب،

وسماء مسقوفة بخيوط العناكب.

هناك، في الجهة الخاوية، قلبي وأنت،

متعانقين كتوأم، تبكيان.

في مكان قصي من البراري، أختبئ.

أشتمّ التراب علني أهتدي الى خطاك.

هل جئت تبحث عني؟

هل مددت يدك الى شعري في النوم

لتصلح خصل ثائرة فوق وجهي؟

هل لمست شفتي  باصابعك التي

هامت طويلا في الترحال فوق جسدي؟

هل قلت لي سراً في الليل ما لم تعد تردده على مسمعي؟

لم تكن تعي كم تحتاج الى امرأة مجنونة حين التقينا.

أو أنك، صدفة، قد تبنيت طفلة.

كنتُ امرأة من هذيان

وقد اعمتك جراحي فانكببت

دون وعي

محاولا  انقاذ حياتي 

الى أن ادركت انني امرأة على هيئة مأزق.

قد سميتك تيمنا بإله الرعد

جئتك رأساً جميلاً ينبت من فتحة في تابوت

فصنعتَ لي جسداً من عواصف وزبد

وقلت اعبري، من هنا مرت من قبلك فينوس.

قناديل الذاكرة تومض في قلبي

جدران الأرق تلمع كنصالٍ مشحوذة

وهناك في البعيد البعيد

خلف غاباتٍ حزينة،

معصمي المنحور ينزف حبراً

ويدك تطلق على الحب 

رصاصة الرحمة

غياب

لم يكن غيابك

مجرد غياب.

كان غربة سكنتني

ويتماً

ووحشة تجذرت بي

حتى الخواء

ما نفع الاصدقاء

حين اعجز ان ابوح

بشيء من حزني

لأن ما من كلمات تنصفك

وما بيننا ليس حزني وحدي

هو جنوننا الذي ما انطفأ

لعشر سنوات

هو اسمك الذي احمله سرا

الى قبري

وأرقي

قل لي كيف يمكنني

ان اشفى منك

ان لم يكن بوسعي

البكاء

سوى فوق كتف رحيلك

رسم

أرسم ظل غيابك

فوق وجهي

أسودا

تحت عيني

أحمرا

فوق فمي

ورديا

فوق وجنتي

ارجوانيا

في جسدي

أرسم سيجارة

وأنفث دخانها في الهواء

أرسم قبعة

وأخرج منها اسمك

أرسم سمكة

وأوصيها أن تحسن الذكرى

أرسم قطة

لها تقوس ظهري تحت يدك

أرسم جسدك

وأستلقي فيه.

معضلة

أقرّب يدي من أنفي

لأتنفّس رائحتك التي تتلاشى

أفكّر جدياَ

ربماً، ربماً اذا اقطتعتها

أو حنّطتها

أو كففت عن غسلها

أستطيع أن أحتفظ الى الأبد

بما تبقى من جلدك

تحت أظافري…

ربما أستطيع أن أمكث في الحب

زمناً أطول

بيدٍ واحدة

أو يد متسخة.

سور

لا تجتمعان

الشعر وأنت

ما أن يأتي أحدكما

حتى يقفز الآخر

من النافذة

وأبقى بينكما

كحبيبة خائنة

تتعاقبان علي كما الشمس والقمر.

وشمتُ جسدي

بالحب

بيديك

بالنور الذي انبعث من مسامي

كنار

وآلاف الفراشات

التي أتت ولم تحترق

بل رقصت بيننا

كما في حلم

وما كان حلماً

وما كان وهماً

ثم وشمت جسدي

بدمي

الذي لبث زمناً

ثم ابتلعه جلدي

وقالت الأرض: حرثٌ.

وقال الزمن: رملٌ يعود الى البحر.

وقال الحزن: أنا أعمى.

وقال الحب: أنا كذلك.

وقلت لك: أحبك.

وما قلتَ شيئاً

لأن كلمتي تكسّرت

وسقطت.

ذات يوم استيقظنا

ووجدنا

سوراً ما بيننا،

انصرف كل منا لتزيين جهته،

كتبنا عليه

ورسمنا

ولوّنا

وسكبنا الأسود

وسكبنا الدمع

واتكأنا

كلٌّ من جهته

الى رأس الآخر

وقلبه.

وما ابتعدنا ما يكفي

لنرى الصورة كاملة…

كلّ منا صوّر الآخر

على حائطه

لعبة

mbv05

يخطر لي ان أقوم بعملية تجميل

انتزع وجهي القناع

استبدله بمرآة

هكذا…هكذا فقط

يمكنني ان اصدق

ان احدهم يحبني.

لكنني سأطلب ايضا

مرآة داخلية صغيرة

كي لا انسى

انني لم اهرم

لم تطلني التجاعيد.

انه العالم الآخر وحده

الذي سقط في الزمن

بينما بقيت انا هنا

كطفلة عنيدة

متمسكة بغضبي.

لم يعد يهم

كم طبقة من الازرق

توالت فوق جلدي.

لم يعد يهم

اي الاسماء كان ملاذي.

افرك فمي بالملح

كلما ناديتك ولم تأت

وجاء عوضا عنك جبل من جليد

قطعني

واحببته

لانني صنعت منه رجلا

عانقته

الى حين

ثم قال:” لست انت حبيبتي”

وانتحر غرقا…

اصبحت مرآتان متقابلتان

اعلنت كل منهما الحرب على الأخرى

وكل من ينظر الي لا يرى

سوى ما يشاء

بينما

اقتتلني كتنين برأسين

ولا يدري ان جسده واحد.

الحب لم يرض بي

ولا انا رضيت ان اكون

سوى كائن غير أليف

لا يرى من كل هذا العالم

سوى الدم الذي ما زال ينزف

من سرته

شبق

love

جسدي

بوابة العبور إلينا…

وجسدك المفتاح.

أيها القادم إليّ

مضرّجاً بحبك

تقف بصمت الجبال

عيناك لا تنفكان

تسدّدان السهام

إلى جسدي الذي من نار.

أأقول أحبك

ويدك الغيم مشغولة

تسوّي قبعة الرماد

فوق البركان؟

أأقول عشقت قلباً

طيّعني

على مهل

نبضاً فوق نبضِ

حتى تهذّبت كلّ أقواسي

وتكسّرت كل الرماح؟

أَحكِمْ علينا شهقةً

تحملنا حتى السماء

فينفرط اسمانا

في فمنا

وتلملم شفتاك نقاط أحرف اختبأت

في سرّتي

أو اتخذت وضعية شامة

قرب فمي

ونصبح نهرين يستلقيان

في سرير

هنيهة

ثم يتسابقان

يرتميان

من فوق جرف

يتكسّران فوق صخر الأيام

ويمضيان

موحدين

كأنت وأنا

مطعونين بحبنا

الى الأبد

رسالة

الليل خارج الحب منفى…

يجر الأرق أريكته المفضلة،

حقائب ملابسه،

فرشاة اسنان،

يترك لي ولحياتي حيزا ضيقا في زاوية…

مأهول غيابك بكائنات مخيفة

ومتطفلة…

بين يدي علبة سجائرك

اشمها…علني أنام