فليكن

ارسن الجهات وصهيل الريح يهذي

باسم الرحيل

وسوط الحوذي يجلد الذاكرة

خفيف هذا الألم

خفة الريش في جناح مكسور

والغمام اسير لهاث تبدد

ذات حب

بعدما انطفئ الجسد

ما عاد بيننا اي شيء

سوى الشعر

تدحرج رأس الحب

رثته باكية زهور برية

تمزقت غابة  لم اسمعها

لكنني شعرت بجرحها العميق

لاحقني الدم المراق في الكوابيس

ووجدتني كل ليلة طريدة وصيادا

واستيقظت مرارا

مضرجة بدماء

لم اميز ان كانت دمك ام دمي

حتى لعنتك

واغتسلت في نهر من ضباب

لن تذكرني بعد اليوم

ما كنت سوى طيف حزين

يحرس فرحا هشا ازهر بين ضلوعك

في مكان قصي 

اضعناه

ما عاد يهمني

ان احصي خسارتي

الموتى لا يعودون

لا يدقون ابواب الذاكرة

لا يلقون علينا التحية او الحصى

او حتى اللوم

علينا فقط ان نصدق

انهم رحلوا

الى الابد 

اوبيوم

يستسلم النفس للصراخ

للصهيل البري في دمي

ينهض بين ضباب الجسد والروح

يتمسك بحبل الحب المتدلي من الذاكرة

تتزاحم الأمواج وتتكسر فوق صخور العتب

:تتكثف العزلة زبدا يطفو من حافة افواهنا

.اوبيوم الفراق

نجفف أيامنا كالملح

ونغزل خارطة للتيه

جسدك وجسدي

كوكبان منفيان

بلا رسن

اشعار بتغيير عنوان السكن

أنا الابنة الضالة

هجرت طفولتي

هجرت أهلي

مكثت في الترحال

حتى تبنتني الريح.

الّا أنّ شاعر

كان يحرق قصائده

في مكتبه

ويذرّي غبارها

فوق بيت عنكبوت

يمتد الى الكتاب الأخير من الرف العاشر

من مكتبته السمينة.

وحين وجدني عالقة ذات ظهيرة

في شباكها

ضحك وقال: “اعذريني،

فقد كنت أصنع مصيدة أمنيات”.

خلعت يومها عني

خلاخيل الغجر

وسكنت الى صدره

دهراً بأكمله

لكن الريح الهادرة بي ما عرفت السكون،

وكان حتى يهدّأ زوابع كوابيسي

يأويني الى قلبه

الى أن أعلن لي ذات صباح

أنني قد كسرت في الليلة الماضية

ضلعه الأخير

وأنّ رئتيه سوف تهويان بعد قليل

فوق قلبه المتعب

وطلب مني المغادرة

لأنه لن يتمكن من اكمال ترويض هواجسي.

خطوت خارج حبه

للمرة الأولى منذ عقد من الزمن

الى عالم ما عدت أعرفه

أو يعرفني

هجرني النوم أولا،

هجرني صوته،

هجرني وجهي الذي كان بين يديه أتوناً محرقاً

هجرني جسدي الذي توهج معه كنجمة ثم انضوى،

وذات مساء

كانت معزوفة لبيتهوفين تعبر الأثير

سألتها: هل تقبلين بأن تكوني عنواني؟

كانت منهكة، حزينة ووحيدة

وكان احساسها بالغربة يشبهني

ويأسها يشبهي

فيما تفكر أنها أضاعت للأبد

مكانها الأصيل

فأومأت لي ايجابا.

تسلقت ظهرها

وتمسكت بحبالها الطويلة التي ما استطعت

تبيان اطرافها

واصبحت منذ ذاك الآن أسكن سوناتا بيتهوفين الثانية والثلاثون

على سلم دو الصغير

اوبوس 111 شقة رقم 2

عابرات في صمت عابر

Miss Butterfly by Shadi Ghadirian

تقترب الخطى الثقيلة
أشعر بها كما الطير يستشعر العاصفة،
السِراب في دمي تحاول الفرار
و الأبواب موصدة.
 اعرف هذا الظلام
حيث جسدي فراشة مطعونة
لتزين جدار النفاق.
أغمض عيني
أتظاهر بالنوم كأن وجهي
ما زال وجهي.
ابسط هزال سلطتي على أشياء صغيرة،
كأن أحرك يدي،
أشدها الى صدري
كمن يحاول ان يوقف نزيف جرح قاتل.
لي وحدتي.
لي هذا المكان القصي الذي لا يصله احد.
لي ان اهبه لمن أشاء.
ان اقف كتمثال عارية حتى من روحي
و من اسمي.
مكشوفة كالشمس
انتظر ان تنام الأرض
كي أذرف سرا حزني.
هذه يدي… هذا عنقي… هذا شعري
أطلِقوا الوحوش
اعتِقوا الظلام من سطوة الفجر
جراحي ما تزال تغوي الأوتاد
هبني يا وجعي جرأة الصراخ
عما قريب يُجرّ جسدي الى الوليمة…
في الظلام أجملهن موثوقة
قرباناً لإلهٍ ذكرٍ
علّه يشبع و ينام
مئة عام.
هنا يمامة مصلوبة فوق الزيتون
وعابرات في موكب السواد
…صامتات
هو الخوف 
على صغيرين
يجعل عالماً أنثوياً ينغلق على قمره
ليبكي. 
أسقط في جسدي
كمن يسقط في فخ
أو يُرمى في بئر. 
“خوذتي من غيم”
أقول لسنونوة خائفة، 
لكنها تمطر في رأسي
فتصرخ السنونوة: 
” إبكي
كي لا نغرق” 
عيني من زجاج
منذ لُعنتُ بهذا القناع
وأنا ممنوعة من البكاء
حتى ينام الجلاد. 
أذهب الى قلبي أقيم الصلاة
ثم أذهب الى الحقل 
أُخرج الحلازين من قواقعها
وأصنع لي قلادة
انتقاما لتشردي. 
 

استغاثة

عند الفراق حملت زادا كثيرا

وامنيات

قد تكون وليدة رغبة في انتقام

او في الحياة عنادا

رغم الالم

ضممت زادي وامنياتي الى صدري

وشددت عليها خوفا

لانها باتت آخر ما املك من حياة سابقة جميلة

التهيت بحصيها في الليالي الطويلة

لأنشغل عن  غيابك 

بدلت اماكنها نهارا

كمن يعيد ترتيب الذاكرة

ومضى الزمن

وكان السكون الذي يسكنني

يولد بي رغبة بالهرب ابعد

وظننت زادي عبء يعيق ترحالي

فشرعت اتركه خلفي كالفتات

وامضي دون التلفت الى الوراء

خوفا من ان يخونني قلبي

في لحظة حنين

فأعود من حيث مضيت. 

تساقطت الاشهر من التقويم

وتساقطت مني اجزائي

وحين نفذ كل زادي

وما ادركت سكينتي

شرعت اخلع عني جلد يفتقد يدك

خاصرة تشتهي فمك

اصابع نحيلة وطويلة مسدت ظهرك

واحصت النمش فوق كتفيك

وشفاه حصدت القبل

شرعت اقتل المرأة العاشقة خلسة

علها لا تتنبه

وحده قلبي يرفض السقوط عني

ينظر الى الصحراء القادمة

كمحارب يدرك انه سيلقى حتفه قريبا

قلبي الذي أنبذه ويرفض التخلي عني

يصلي

علك من وراء المستحيل

تدرك فداحة خطتي الغبية

وتنقذه قبل فوات الاوان

وبعدك ع بالي

وبعدن فساتينك عم يوشوشوا الريح

ع مطلع الدرج

انت وعم تفتشي بصدرك عل المفاتيح

والشوق يدق باب ذاكرتي.

وبعدا ضحكتك عم تكرج

حتى آخر التلة

وزيتونة ناطرة متلي

تمرق ايدك أو عيونك

أو يرتاح ظلك

صرت عم تنامي كل ليلة

ع كتف الوادي

النجوم نواطير

والشجر يغنيلك لتغفي

:صوتك من بعيد عم يرجع يا ستي

“روحوا يا ولاد ولا تطولوا الغيبة

شو صارو بعاد هالأيام

شاخ عفراقك الزمان

وما عاد فينا يا ستي نرجع من هالعتمة

حدث في مثل هذا اليوم

322327

في الغياب يتجدد بي حماس الهوايات

أنكب على الرسم والقراءة

أنفض الغبار عن البيانو

وعن أصابعي الصدئة.

يطل لافونتين برأسه

الذي أحسبه يشبه رأسك

وينبه أصابعي أنها رقصت طويلا

فوق جلدك

ونسيت الشتاء.

حسنا

ها قد عاد الشتاء

واستيقظت بي كل النمال،

أخرجت أولا ماكينة الخياطة

وانهيت يوم هزيمتي الأول بحقائب ملونة للصديقات.

ثم أخرجت علب الخشب

والألوان

وقمت ببحث طويل عن الكيمونو

والغيشا

لأن الكرز يزهر الآن في اليابان

وليس من اللائق أن أهمل التحية.

حتى انني بت أعمل بشكل أفضل

ولا أؤجل أي شيء الى غد.

ذهب بي الحماس الى أن أبدأ بتصميم مجوهرات،

وحلمت…وحلمت…

أمام المرآة أمضيت وقتاً أطول في الصباح

وأعدت ترتيب الخزائن

وبت أقول لنفسي على غير عادة

انني جميلة

جميلة جدا…

وكان الصدى في قلبي يردد:

“جدا…جدا”

وآلمني جسدي من فرط النشاط

وفرط الحياة

وآلمني صدري لأن البحر الذي يهدر فيه

لا يجد منفذا للفيضان

ضاقت أضلعي

بعدما أصبحت المسافة شاسعة

بيننا

ولأنني مهما فعلت

أذهب الى آخر الليل وحيدة ومنهكة

أضم يدي الى قلبي

وأبكي.

المدينة المهجورة

 

أنا الروح الحزينة

أشبه ورقة وحيدة على شجرة،

أشبه شجرة أخيرة

 في حقل قصي،

تهزّها نسمة خفيفة

فترتعش

حتى الجذور.

أنا أصغر الكائنات على هذه الأرض،

أختبئ

حتى من ظلي،

أرمي الحصى في الماء

لأموّه

حزناً أليفاً في عيني.

لكنني أذكرك

فتهتز بي غابات داكنة،.

لا أتكلم

أحمل يدي الى قلبي فتعرفينني،

أحمل يدي الى فمي وأقبّل

رائحةً بعيدةً تتفتح

كأزهار غريبة في كهوف سرية،

رائحة تشبه ليلاً شتوياً

مبللاً بأنفاسي على نافذة

بينما أراقب طريقاً طويلاً مظلماً

وأنتظر.

رحلوا.

حملوا أوجاعهم

مضوا خطاً مستقيماً

حتى اختفوا.

لم يتركوا رسائل وداع

استفاقوا على هلع  وتبدّدوا

 كسراب.

لم يبق من أثرهم سوى يمام ينقر

شباك الغياب

ويأكل قمحاً يابساً

من رأس العتب.

أمشي وحدي في المكان المهجور.

الأبواب صُدّت

والشبابيك ما فتحت ذراعيها للشمس

منذ زمن.

الدودة الصغيرة التي ربّتها عنكبوت الدار

أمست سمينة وجاهزة

للوليمة.

وحصى الطريق الذي رتّبته

ما بعثره أطفال،

أمشي ويتسمّر كجنود منضبطة

يلقي التحية.

لماذا نسيتموني هنا،

حارسة الأمكنة العتيقة؟

أغسل ذاكرتي بالنسيان

ولكن

تمثل أمامي مدنٌ تحترق

وأجسادٌ تتساقط من أطراف أصابعي،

تخرج مني أسرابٌ من الأسماء الهلعة

تنظر اليّ بعيون أحبها

فأركع

أفرد يدي مسبحة

أكرر فوق طيات الأصابع

كل اسم من الاسماء

حتى تهدأ نفوسها.

انتم هناك

في ممالك بعيدة

في أبراج مستحيلة

تشيرون جميعاً باتجاه واحد،

بوصلتكم قلبي.

من خلف قبعات الجبال ترسلون اليّ

قطعاناً من غمامٍ

لآكل،

وملحاً لأعدّل مذاق الحنين في الماء.

ما عدت أعرف يقيناً

من منا حزم صرة الرحيل أولاً،

من منا تجرأ على الخطوة الفاصلة

بين لحظتين،

من منا نحر خيط الحرير

من الوريد الى الوريد

فأمسينا على مسافة قلبين افترقا

الى الأبد.

أغفو

وسراً تتحرك البذور في أثلام

تركها الرحيل في قلبي،

وتنبت غابة مجنونة

كل شجرة فيها تتسلق الهواء

تترك شعرها الغجري للريح

أوراقها خلاخيل تهمس

تنادي

تصرخ

تتوسل

ثم تموت مفجوعة

تحت أقدام الزمان.

رسم

أرسم ظل غيابك

فوق وجهي

أسودا

تحت عيني

أحمرا

فوق فمي

ورديا

فوق وجنتي

ارجوانيا

في جسدي

أرسم سيجارة

وأنفث دخانها في الهواء

أرسم قبعة

وأخرج منها اسمك

أرسم سمكة

وأوصيها أن تحسن الذكرى

أرسم قطة

لها تقوس ظهري تحت يدك

أرسم جسدك

وأستلقي فيه.

معضلة

أقرّب يدي من أنفي

لأتنفّس رائحتك التي تتلاشى

أفكّر جدياَ

ربماً، ربماً اذا اقطتعتها

أو حنّطتها

أو كففت عن غسلها

أستطيع أن أحتفظ الى الأبد

بما تبقى من جلدك

تحت أظافري…

ربما أستطيع أن أمكث في الحب

زمناً أطول

بيدٍ واحدة

أو يد متسخة.